الثلاثاء، 7 يناير 2014

التقويم في العملية التربوية

التقويم  في العملية التربوية


إعداد: سامان مامڵێسی


كلمة لابد منها....
تسعى الانسان دائما الى تحقيق طموحاته، لكى تتنعم وتتلذذ بنعم الله فى حياته،اعطى البارى-سبحانه- البشرية كل ما تحتاج اليها ،واعطاها القوة لكى تسخر الاشياء لخدمة عيشها، وفى زمن المضى كان التفكر للبقاء محدودة،والتضحية بالنفائس من اجل السلامة محمودة، والسعى وراء لقمة العيش همهم الوحيد، تعلم الصيد والدفاع عن النفس مسلكهم السديد،فليس هناك مجتمع ولا مدرسة للتعليم،وليس ثمة تعلم ولا تقويم،فالحياة وقتئذ بسيطة غير معقدة، والوسائل ضئيلة غير معدَّة، ثم التعليم مقتصرا على التلقين، وهو وصية الآباء للبنين، فلا معلم ولا طالب ولا تدريس،وانما الطاعة العمياء هى الرئيس،بعد مرور الايام وتلاحق الازمنة، تغيرت الحياة وتطورت الامكنة، المدائن الكبيرة بُنيت، والقصور الفخمة شُيدت، آمال الانسانية سما، الطموحات والتطلعات نما، ظهرت طبقة السلاطين، زُرعت الارض وبدا الفلاحين،خطى التعليم الى الامام، صارت الامية موضع الملام، برزت دور المعلمين، تفاقمت عدد المتعلمين، بات التعلم امرا ميسورا، نضر وجوه الآباء سرورا، اصبح التعليم موضع الاهتمام، اضحى الاستاذية موقع الكرام،مرت الايام ودارت الزمان، حتى وصلنا الى زمن الكتابة والقراءة، زمن الاختراعات، زمن التقنيات، زمن الاساطيل البحرية والطيارات، زمن النوافق والقطارات،زمن الحاسبات والابتكارات، زمن الدقة والتخصصات، زمن التخمينات والافتراضات، زمن المعامل والمختبرات، زمن العمل وتنقيتها، زمن الجهد وتثميرها، زمن السعى واهدافها، زمن الحصاد وتقويمها، زمن العراقيل وتشخيصها، زمن المبادئ وتخطيطها، زمن المفاهيم وتشكيلها،زمن القيم وتحديدها، زمن المثل وتصنيفها، زمن الاتجاهات وتحليلها، زمن الاقتراحات وتركيبها.
اى جاء زمن التقنص لالتقاط الاخطاء، زمن التكمن لصيد الزلات، زمن التمعن لتلافى الهفوات.
وهذا كله يعنى تصفية عملية التعليم-التعلم من الشوائب وابقائها صافية نقية، وتقويمها لكى تصل الى ما تصبو اليه..
                                                                               سامان على محمد ماملَيَسى
                                                                         لبنان- طرابلس – ابى سمراء
                                                                           14صفر 1432هـ




أولاً: تعريف التقويم لغة واصطلاحا
التقويم لغة:مشتق من الفعل قَوَّمَ،يقال:قوم المعوج،اذا عدَّله وازال اعوجاجه، والقِوام:العدل، والتقويم:المعتدل،وقوَّم السلعة:سعَّرها وثمَّنها.
وقَيِّمُ الأمر: مُقِيمهُ، وأمرٌ قَيِّمٌ: مُسْتقِيم ،والاستقامة: التقويم، لقول أهل مكة: استقَمْتُ المتاع، أي: قوَّمته، وفي الحديث: قالوا يا رسول الله؛ لو قوَّمْتَ لنا؟ فقال: الله هو المُقَوِّم. أي: لو سَعَّرْت لنا، وهو من قيمة الشيء؛ أي حَدَّدْت لنا قيمتها.[1]
واصطلاحا: عملية معقدة، يقصد بها، التعرف على مدى تحقيق الاهداف،وتنطوى على معرفة الاهداف، وتحديد المظاهر السلوكية التى يدل وجودها على تحقيق الاهداف، وعلى وسائل للحكم على التغير فى السلوك.[2]
ويعرفها الدكتور(انور عقل)بأنها:(العملية التى يتم بواسطتها اصدارحكم معين على مدى وصول العملية التربوية الى اهدافها،ومدى تحقيق اغراضها، والكشف عن نواحى النقص فيها اثناء سيرها، واقتراح الوسائل المناسبة لتلافى هذا النقص).[3]
والتقويم عند(الكيلانى)هى:(عملية تجمع فيها البيانات بطرق القياس المختلفة، ونتوصل فيها الى أحكام عن فاعلية العمل التربوى،سواء كان تدريسا ام غيره،مستندين الى معايير الكفاية اوالفاعلية،بدلالة مدى تحقق الاهداف التربوية).[4]
وعرفها(بلوم)بأنه:(اصدار حكم لغرض ما،على قيمة الافكار،الاعمال،الحلول، الطرق،المواد...الخ. وانه يتضمن استخدام المحكات((Criteriaوالمستويات (Standards)والمعايير(Norms)،لتقدير مدى كفاية الاشياء ودقتها وفعاليتها،ويكون كميا او كيفيا).[5]
فالتقويم اذن،عملية تربوية،تعنى اصدار الاحكام على مدى تحقيق الاهداف.[6]
و(التقويم التربوى، يراد به بيان قيمة تحصيل الطالب او مدى تحقيقه لاهداف التربية، وتصحيح تعلمه،اى تلخيص الطالب من نقاط الضعف فى تحصيله، وتحديد ايام الدراسة والعطل المدرسية والامتحانات).[7]

وكذلك العمل التربوى،او بشكل ادق، تقويم نتائج التعليم-التعلم المدرسى،فهو عملية منهجية منظمة تتضمن:
- تحديد الهدف من التقويم:اتخاذ قرار،تقويم المكتسبات واساليب العمل،توجيه المتعلم وارشاده.
- تحديد نوع السلوك المقوم:القدرات او المواقف او المهارات المراد تقويمها،القدرة على الفهم، التطبيق،حل المسائل.
- تحديد المعايير المعتمدة كمرجعية للتقويم:والمبينات القابلة للملاحظة والقياس.
- تحديد وتحضير وسائل كشف السلوك:اسئلة واختبارات،ملاحظة مباشرة.
- اجراء عملية القياس:تصحيح الاختبارات عبر مقابلة الانتاج المحصّل مع المعيار المطلوب(السقف).[8]



















ثانياً: الفرق بين التقييم والتقويم

يعتبر البعض إن التقويم والتقييم كلمتان مترادفتان،وتعنى شيئا واحدا،وهذا خطأ شائع،فتوجد فروق عديدة بين المفهومين،سواء من الناحية اللغوية او الاصطلاحية،وسوف نحاول التعرض لها بالتوضيح قدر الامكان.[9]

 فمن الناحية اللغوية، فِعْلا الكلمتين هما: قيَّم،يقيِّم تقييماً، وقوَّم يقوِّم تقويماً.
فقوَّم، تفيد إعطاء قيمة أو ثمن للشيء. ويأتي فعل قوَّم بمعنى أصلحَ المعوجَّ، أو عدَّله، ليصبح أو يعود مستقيما لا عِوَجَ فيه. ومصدره تقويم.

وجاء في القرآن الكريم :" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم".(التين:4).
وفي خطبة عمر(رضى الله عنه) جاء قوله :"إن رأيتم فيَّ اعْوِجاجاً فقوِّموني". وردَّ عليه من قال :"والله لو رأينا فيك اعْوِجاجا لقوَّمناك بسيوفنا".

والمعاجم الحديثة تعطي لكلمة التقويم (بالواو) معاني شتى :
فهو "سجلّ يبين أيام السنة موزعةً على شهورها، مع ذكر أيام العطل وأوقات الصلاة إلى غير ذلك". فنقول :" التقويم الميلادي، والتقويم الهجري". والتقويم الجغرافي هو خريطة للأقطار يُعنَى فيها خاصة بذكر طول البلدان وعرضها وخصائصها الجغرافية.

لذا يستعمل لفظ التقويم في تعديل المعوَجّ، وفي إعطاء القيمة المادية ثمنا أو سعرا.
اما قيَّم ،فالمعاجم مُحدَثها وقديمها مُجمِعة على أن قيَّم (بالياء) يعني قدَّر القيمة. ومصدرها التقييم.
. وتخصيص كلمة التقييم للدلالة على فحص لمحتوى شيء، أو عمل ما، واستخلاص سلبياته وإيجابياته، ونقده، أي تمحيصه للحكم له أو عليه. نقول : "قام الناقد بتقييم الكتاب".
وهكذا نقول :"قام البرلمان بتقييم عمل الحكومة طيلة الدورة التشريعية، وطلب إلى الحكومة أن تقوم بتقويم سياستها الاقتصادية".

ونقول :" قامت الحكومة بتقويم سياستها النقدية، بعد أن قام البرلمان بتقييم لهذه السياسة ونصح بتقويمها حفاظا على استقرار العُمْلة".[10]
يرى بعض العلماء التربويين الى ان التقويم والتقييم مرادفان،بينما الآخرون يرون ان التقييم سابق على التقويم، لدلالته على بيان قيمة الشيء، حينما يدل التقويم على تصحيح وتعديل الاشياء.[11]
يرى(داونى)ان التقييم: اعطاء قيمة لشئ ما وفقاً لمستويات وضعت أو حددت سلفا.[12]

والباحث فى هذا التقرير، استعمل واعتمد على كلا المفهومين للكلمتين،وهى القياس والحكم على نتائج عملية التعليم-التعلم،وتصحيح مسارها على ضوء التقييم.[13]
ثالثاً: علاقة القياس بالتقويم والفرق بينهما
للقياس تعريفات عديدة،منها:
- هو مجموعة من المعلومات والملاحظات الكمية عن الشئ موضع القياس.[14]
- مرفة درجة تعلم الطالب معرفة رقمية، وتعنى الوصف الكمى للسلوك او للواقع المقيس،لا يتضمن اية احكام بالنسبة لفائدته او قيمته او جدواه.[15]
يمكن التعبير عن ملاحظاتنا فى القياس بصورة كمية،اما التقويم فهو اكثر شمولا،اذ لا يقتصر على التحديد الكمى،بل يتجاوزه الحكم على الصفة المقيسة،والقياس سابق للتقويم،فهو يشير الى مجموعة من الاجرائات التى تتضمن تحديد وتعريف ما يجب قياسه،وترجمته الى معلومات يسهل وصفها بمستوى مقبول من الدقة،بينما يشير مصطلح التقويم الى مجموعة الاجرائات التى توظف هذه المعلومات،بغرض تحديد درجة تحقيق الاهداف،او اتخاذ قرارات ذات علاقة.[16]
نستطيع تلخيص الفروق التى توجد بين القياس والتقويم، الى ما يلى:
1-    يهتم القياس بوصف السلوك،اما التقويم فيحكم على قيمته.
2-    يقتصر القياس على الوصف الكمى للسلوك،اى انه يعتمد على الارقام فى اعطاء النتيجة النهائية للموضوع المقاس او المراد قياسه،اما التقويم فيشمل حكما يتعلق بقيمة هذا السلوك،وعليه فالتقويم اكثر شمولا من القياس،والقياس يمثل اداة من ادوات التقويم.
3-    يتحدد القياس بالمعلومات عن الموضوع المقاس،اما التقويم فيعد عملية تشخيصية وعلاجية فى وقت واحد.
4-    يعتمد القياس على الدقة الرقمية فقط، اما التقويم فيعتمد على عدد من المبادئ والاسس ،مما يجعله اعم واشمل، ومن ابرز المبادئ والاسس التى يعتمد عليها التقويم: الشمول،التشخيص،العلاج،مراعاة الفروق الفردية،التنوع فى الوسائل المستخدمة.
5-    يقتصر القياس على اعطاء وصف للموضوع المراد قياسه،دون ان يعطى اهتماما للربط بين جوانبه،اما التقويم فيقوم على مقارنة الشخص مع نفسه ومع الاخرين.
6-    يعتبر القياس اكثر موضوعية من التقويم،ولكنه اقل منه قيمة من الناحية التربوية،لان معرفة النتائج بدقة وموضوعية من غير تقدير لقيمتها،لا يعنى شيئا،اما اذا فسرت تلك النتائج وقدرت قيمتها فى ضوء معايير محددة،واتخذت نتائج هذا التقويم كأساس لمساعدة الطلاب على النمو،فانها تصبح ذات فائدة كبيرة،وهذا ما تضطلع به عملية التقويم.[17]. والقياس يتم باستعمال اختبار او فحص فقط،اما التقويم فيلجأ الى اساليب اخرى،بالاضافة الى القياس،مثل السجلات القصصية،الاستجواب،قوائم التقدير،السجل التراكمى،دراسة الحالة،آراء المدرسين وادوات اخرى.[18]
رابعاً: خصائص التقويم  أو مواصفاته
لكل مفهوم من المفاهيم مجموعة من الخصائص التى تميزه عن غيره من المفاهيم الاخرى.[19]
ولهذا،يجب توفر بعض المواصفات الضرورية فى عملية التقويم،حتى يمكن الاعتماد على النتائج المحصلة،يتعلق موضوع هذة المواصفات،بالاختبارات وادوات الكشف،او بتحديد الهدف من التقويم او بتحديد معايير التصحيح او حتى بالمقوَّم.[20]
ولكى يوصل التقويم الى نتائجه المرجوة،فانه ينبغى ان تحقق فيه خصائص،منها:
1-    الصدق: يكون التقويم صادقا،عندما يكون موصولا بالاهداف التربوية،والامتحان الذى لا يفرق بين طالب ملتزم بالاداب الاجتماعية،واخر غير ملتزم بها،امتحان غير صادق،والامحتحان الذى يركز على الجوانب المعرفية ويهمل الجوانب القلبية-انفعالية-،امتحان غير صادق.[21]
2-    الشمول:كان التقويم الى حد قريب مقتصرا على جانب واحد فقط  من جوانب شخصية الطالب،وتحديدا تحصيل المعلومات،فقد كان ينصب على تحديد قدرة الطالب على استيعاب تلك المعلومات،فلم يكن شاملا لجميع جوانب شخصية الطالب،كما انه لم يكن شاملا لجميع اهداف المدرسة.
فيجب على التقويم ان يشمل الاهداف التربوية المنشودة،من مهارات ومعلومات وميول واساليب تفكير واتجاهات وقيم،اى جميع الجوانب المعرفية والعاطفية والمهارية،شريطة ان يكون المعلم قد راعى تلك الجوانب جميعها اثناء قيامه بالعملية التعليمية.وبالاضافة الى ذلك،لكى يكون التقويم شاملا،فيجب ان يراعى جميع الموضوعات التى قام الطالب بدراستها سابقا.[22]
3-    الصلاحية:هى نسبة التوافق بين ما نريد فعله وما نفعله بالواقع،يحصل التقويم على هذه الخاصية،عندما نقوم ما نريد تقويمه،من اول شروط ذلك،معرفة ماذا نريد ان نقوم؟وما الادوات المناسبة لذلك؟ان الاسئلة المفتوحة-على سبيل المثال- لا تساعد كثيرا على تأمين هذه الخاصية،فى حال كان الهدف تقويم القدرة على الفهم،فقد يكون الفهم حاصلا لدى المتعلم،ولكنه لا يستطيع التعبير عنه من خلال الاسئلة المفتوحة.[23]
4-    الموضوعية(العدل):هى تعنى ان نتائج التقويم يجب ان تعود الى اداء المتعلم،والا تتأثر بشخصية المُقوِّم او احكامه،يساعد على تأمين هذه الخاصية،اعتماد معايير واضحة ومحددة فى التصحيح.تؤمن الاختبارات الموضوعية(الاسئلة المقيدة)درجة عالية جدا من الموضوعية الى درجة الوصول – فى بعض الحالات- الى التصحيح الآلى.[24]
5-    الاستمرارية:طالما وجد تعليم،فلابد ان يوجد تقويم.اى ان عمليتى التعليم والتقويم،تسيران جنبا الى جنب،فلا يقتصر التقويم على امتحان اخر الفصل الدراسى او منتصف الفصل او حتى اخر العام،بل لابد ان يستمر،فالامتحانات النهائية لا تعد تقويما استنادا على المفهوم الجديد للتقويم.
اننا نحتاج لعملية تقويم مستمرة،تلازم الطالب طول مرحلة نموه،من اول يوم يدخل فيه المدرسة،وحتى يخرج منها نهائيا،اى خلال مراحل التعليم العام كاملة.[25]
6-    التنوع:فكلما كان التقويم متنوعا،كلما كان ذلك افضل،فيجب الا يعتمد التقويم على اسلوب واحد فقط، بل يجب ان ينوع المعلم فى ادواته واساليبه التى يستخدمها فى تقويم الطالب،فيجب عليه ان يقوم الطالب شفهيا،وتحريريا،وعمليا،كما يجب عليه ان يستغل جميع انماط الاسئلة الممكنة،وكذلك يصوغ اسئلته صياغة دقيقة.[26]
7-    الأمانة(الثبات):تدل الامانة بشكل اساسى،على ثبات القياس لدى استعمال اداة معينة،اى الحصول على نفس النتائج فى نفس الظروف،باستعمال نفس الاداة(الكاشف)،فاذا تغيرت نتائج التقويم، بين يوم واخر،ومن مصحح الى اخر،تكون الاسئلة او الادوات المستعملة،غير محصلة على خاصية الثبات.[27]
ولو افترضنا ان احد المعلمين اعاد اعطاء امتحان معين بعد عدة ايام،وكانت نتاج الطلبة فى الاختبارين متباينة تباينا كبيرا،لجاز لنا القول بأن الاختبار غير ثابت،فالتقويم كالميزان، ينبغى ان تكون احكامه ثابتة غير متناقضة.[28]










خامساً: أنواع التقويم
نستطيع ان نقسم انواع التقويم الى نوعين رئيسيين،هما:التقويم التشخيصى والتقويم النهائى.
ويركز المعلمون حاليا على التقويم النهائى،ويتضمن هذا التقويم معظم الدرجات التى يحصل عليها الطالب اثناء دراسته لفصل معين او عام دراسى كامل،اما التقويم التشخيصى لازال الاهتمام به ضعيفا،فى حين يجب التركيز على هذا النوع الاخير،لتوافقه مع المفهوم الجديد للتقويم.[29]
1-    التقويم التشخيصى: يهدف هذا الاختبار الى قياس المعلومات والقدرات المكتسبة عند المتعلم.[30]
وهو نوع من التقويم يمكن ان يحدث قبل التدريس او اثنائه او بعد الانتهاء منه،والهدف الاساسى منه،هو تحديد نقاط القوة والضعف لدى المتعلمين،فاذا جاء فى البداية،فانه يهدف الى مساعدة المتعلمين على تحديد نقطة البداية فى التدريس،واذا حدث اثناء التدريس،يكون هدفه عملية تحديد مدى تحقيق الاهداف والتعرف على الاخطاء او نقاط الضعف فى التعلم او التعليم.[31]     
وينقسم التقويم التشخيصى الى:
أ‌-        التقويم الاولى او التمهيدى او القبلى: وهو الذى يتم عادة قبل بداية العملية التعليمية، والقصد منه تحديد مستوى الطلاب قبل تعليمهم،ويلجأ المعلم لهذا النوع من التقويم، لتحديد خبرات الطلاب التعليمية قبل عملية التعليم.[32]
ب‌-     التقويم البنائى او التكوينى:وهو تقويم مستمر ملازم لعملية التدريس ومصاحب لها جنبا الى جنب،وهو يهدف لتزويد المعلم والمتعلم بنتائج الاداء،وذلك لتحسين العملية التعليمية،اى انه يُستخدم للتعرف على نواحى القوة والضعف،وعلى مدى تحقيق الاهداف،والاستفادة من التغذية الراجعة فى تعديل المسار نحو تحقيق هلذه الاهداف،وفى تطوير عملية التعليم او المنهج.
وهذا النوع من التقويم يعتمد اساسا على الملاحظة والمناقشة والاختبارات القصيرة،الاسبوعية او الشهرية،وبالتحديد يعتبر تقويما مستمرا ملازما مصاحبا للعملية التعليمية،من بدايتها وحتى نهايتها.[33]
2-      التقويم النهائى او الختامى:يأتى هذا النوع من التقويم فى ختام او فى نهاية برنامج تعليمى معين،بهدف التعرف على ما تحقق من نتائج،ويهتم بقياس الاهداف العامة، ويهدف الى اعطاء تقديرات للمتعلمين تبين مدى كفائتهم فى تحصيل ما تتضمنه الاهداف العامة للمقرر واعطائهم شهادة بذلك.[34]
3-       
سادساً: وظائف التقويم
استنادا الى المفهوم الجديد للتقويم،فان للتقويم وظائف اساسية ثلاث،هى:

1-    التشخيص:لن نستطيع ان نتقدم خطوة واحدة،ما لم نتعرف على ماهية المشكلة،ان كانت هناك مشكلة.
فاذا اردنا التعرف على المستوى العلمى لطالب ما،فى مادة ما،فلابد ان نتعرف على المستوى الذى توصلنا اليه من بلوغ الاهداف المرسومة،فالاهداف عموما هى مبتغى نهائى للعملية التعليمية،واذا توصلنا لتحقيقها،فاننا نكون قد حققنا ما نريد من العملية التعليمية.
اذن بداية نسأل عن الاهداف،وماتحقق منها، وما لم يتحقق.[35]

2-    العلاج:نبدأ فى ضوء ما سبق فى تحديد الاهداف التى لم تتحقق،ونحاول ان نجد مخرجا مناسبا للتأكيد على تحقيق تلك الاهداف،فنستطيع ان نتعرف على الطلاب الموهوبين والذين تمكنوا من تحقيق جميع الاهداف المطلوبة للمرحلة،كما يمكننا التعرف على الطلاب  المتأخرين دراسيا والذين لم يتمكنوا من تحقيق جميع او معظم الاهداف،فربما حققوا البعض اليسير منها.[36]

3-     التصنيف:اذا تـأكدنا ان الطالب قد حقق نتيجة تعلمه فى فترة معينة جميع الاهداف المنشودة،فان من الممكن ترقيته للمستوى الاعلى من الاهداف او من المستوى التعليمى،اما اذا وجدنا انه مايزال ف مستوى اقل من المطلوب،فمن الممكن معاودة التعليم فى نفس المستوى،بُغية  تحقيق تلك الاهداف،ويمكن الحكم عليه من خلال استخدام مجموعة من الادوات،وتسمى ادوات التقويم،والتى سوف نتحدث عنها لاحقا.[37]






سابعاً: مجالات التقويم
تتسع مجالات التقويم ،لتشمل جميع جوانب العملية التربوية.
1-    تقويم الطالب:هو عبارة عن اطلاق حكم على تحصيله ونموه،وصحته وقدراته، واستعداداته،وذكائه،ومهاراته،وتكيفه،او هو اصدار حكم على العوامل التى تتدخل فى تعلمه،ثم محاولة العلاج فى مسارين متلازمين متوازيين.[38]

2-    تقويم المعلم:يتضمن تقويم المعلم من حيث شخصيته وكفاياته التعليمية،واتجاهاته نحو مهنته او نحو طلابه،توجد اساليب متعددة لتقويم المعلم،منها:استخدام صحائف التقدير الذاتى،او قياس مدى كفايته بالاثر الذى يحدثه عند طلابه،او من خلا تقويمه من قبل الطلاب والمديرين والمشرفين التربويين.[39]


3-    تقويم المنهاج: يتضمن مجموعة من الجوانب ،منها:اهدافه من حيث ارتباطها بفلسفة المجتمع،والاهداف العامة للتربية،ومدى شموليتها وتوازنها ووضوحها وتحديدها ومناسبتها للطلاب،وتطورها،ومراعاتها للتجديدات والتغيرات التى تطرأ على حياة المجتمع،وطبيعة المعرفة،ويشمل تقويم المنهاج،تقويم محتواه من حيث ارتباطه بالاهداف،وتنظيم معارفه تنظيما ينسجم مع البنية المعرفية،وتطوره ليواكب التغيرات العلمية والمعرفية والاجتماعية،بالاضافة الى تقويم اساليب تدريس المنهاج،ومدى انسجامها مع الاهداف والمحتوى وطبيعة الطلاب والامكانات والتغيرات المعاصرة فى التعليم والتعلم،كما يتضمن تقويم المنهج ايضا،تقويم اساليب واجرائات التقويم المستخدمة فيه من حيث ارتباطها بالاهداف  والمحتوى واساليب التعليم،بالاضافة الى تحديد مدى تنوعها وشمولها وصدقها وثباتها وموضوعيتها وتطورها وامكان تنفيذها.[40]

4-    تقويم الادارة التربوية:يتضمن تقويم الادارة التربوية من حيث تحديد نمط الادارة والسلوك الادارى للمديرين،والكشف عن مدى فعالية الادارة فى تحقيق الاهداف التربوية المنشودة للمؤسسة التربوية،وتقوَّم الممارسات الادارية والفنية للمديرين فى اطار المسؤوليات والمهمات التى تشتمل عليها الادارة،وغالبا ما يتم التقويم للادارة باستخدام صحائف التقدير الذاتى للمديرين او من خلال تقويم المعلمين او الطلاب او المشرفين التربويين وفق معايير وادوات تصمم لهذا الغرض.[41]


ثامناً: أدوات التقويم
هناك ادوات تقويم عديدة،بعضها معروف فى بلادنا والاخر غير معروف،ولا نعرف من هذه الادوات سوى الامتحانات،وهذه هى ادوات قياس اصلا نستعملها فى قياس تحصيل الطالب ثم تقويم هذا التحصيل.[42]
1-    الروائز او الاختبارات النفسية:مثل روائز[43] الذكاء والقدرت والقابليات،وهذة ايضا ادوات قياس نقيس بها مقدار ما يمتلكه الطالب من قدرة عقلية،ثم نقيم نتائج  هذا القياس،وقد نستعملها فى تصنيف الطلبة الى فئات،مثل:اذكياء جدا،ومتوسطى الذكاء،ومَنْ ذكاؤهم دون المتوسط،ثم نقيم فى ضوء ذلك الاجرائات الادارية،فاذا حشرت المدرسة هذه الفئات الثلاث فى صف واحد،وعلِمَتْهم بطريقة واحدة،دون مراعاة ما بينهم من فروق فردية،فاننا نحكم بان اساليب هذه المدرسة سيئة اة غير مقبولة،وذلك فى ضوء معايير الادارة التربوية الحديثة،واذا صنفتهم فى صفوف متجانسة،كل فئة حسب حسب مقدرتهم العقلية،فاننا نحكم بأن اساليب هذه المرسة جيدة.[44]
2-    المقاييس الاجتماعية: وهى وسيلة لقياس العلاقات بين مجموعة من الطلاب فى وقت محدد،وتستخدم للوقوف على درجة التكيف الاجتماعى لدى الطالب،كما تساعد فى الكشف عن الطلاب الذين هم فى حاجة الى عون،ليتمكنوا من التكيف والانسجام مع زملائهم.[45]
3-    السجلات القصصية:وهى سجلات مفتوحة،يسجل فيها المعلم السلوكات التى تقع من الطالب نتيجة الملاحظة والمتابعة له،سواء اكانت سلوكات ايجابية ام سلوكات سلبية،ويستعين بهذه الملاحظات فى الكشف عن رغبات الطالب واتجاهاته وقيمه.[46]
4-    الملاحظة المنظمة:هى اسلوب يلاحظ فيه المعلم الطالب داخل غرفة الصف وخارجها،من حيث مشاركته فى طرح الاسئلة وفى استجاباته وحرصه وحماسه للتعلم،وملاحظة مستوى ادائه للواجبات البيتية،وقيامه بالاعمال الصفية،ومشاركته فى الانشطة، وهذا يتطلب ان تكون الملاحظة منظمة وموضوعية ومستمرة،ويقوم المعلم بتسجيلها بشكل منتظم.[47]


5-    قوائم الشخصية: التى قد تتألف من 200سؤال،ويجيب التلميذ عليها بنعم او لا، بواسطته ندرس مكونات شخصيته،مثل نقاط الضعف والقوة فيها،علاقاته الشخصية،انبساطه او انطوائه،مهاراته الاجتماعية،اهدافه،طريقته فى الترويح عن النفس...الخ،ثم نحكم على شخصيته وفق معايير معينة.[48]
6-    السجل التراكمى(Cumulative record):ملف التلميذ،يوجد فى المدرسة الحديثة سجل تراكمى لكل تلميذ،يحتوى على بطاقة مدون فيها تحصيله المدرسى،منذ الاول الابتدائى حتى اخر صف،وكذلك بطاقات اخرى تراكمت فيها المعلومات طيلة حياة التلميذ الدراسية،وهى بطاقة ميول وهوايات،بطاقة سلوك وعقوبات،بطاقة صحية، بطاقة نفسية اجتماعية،بطاقة توجيه مدرسى،بطاقة درجات،فاذا اردنا تقويم التلميذ شاملا،فاننا نلجأ الى الاستعانة بالسجل التراكمى.[49]
7-    الاستبيان: وهو عبارة عن مجموعة من الاسئلة المكتوبة،تُطْبَع وتُرْسَل عبر البريد الى الاشخاص،ليجيبوا عليها،وتعرض هذه الاسئلة غالبا موقف،يريد المعلم من خلالها ان يتعرف على تصرف الطالب من خلالها،وتكون معدة بعناية،لتساعد فى الكشف عن اتجاهات الطالب ورغباته وقيمه.
وذه الاداة لا تناسب طلبة المرحلة الاولية،لعدم امتلاكهم المهارات القرائية والمتابية بصورة كافية.[50]
8-    المقابلات: قد يلجأ المقوم الى مقابلة الفرد والتحدث معه فى امر معين،ثم تقويمه من خلال ذلك الحديث.[51]
وهى اداة يستخدمها المعلم لجمع المعلومات،عن طريق الاتصال،حيث يطرح فيها اسئلة معدة سلفا،وينلقى اجابات عنها من الطالب،يكتشف من خلالها ميوله ورغباته واتجاهاته وآرائه حول الاشياء والاشخاص والمواقف،فيقف على الجوانب الايجابية فيها لتعزيزها،والجوانب السلبية لتوجيه الطالب الى تلافيها،وهذه الاداة تناسب طلاب المرحلة الابتدائية اكثر من غيرها.[52]







المصادر :

[1]:  لسان العرب: ابن منظور،محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار صادر – بيروت،الطبعة الأولى.مستعمدا المكتبة الشاملة.

2: مدخل الى التربية الاسلامية وطرق تدريسها:د.عبدالرحمن صالح عبدالله وآخرون،دار الفرقان،عمان-الاردن،الطبعة الاولى،1411هـ -1991م.

3: نحو تقويم أفضل:د.انور عقل،دار النهضة العربية،بيروت-لبنان،الطبعة الاولى، 1421هـ ،2001م.

4: التربية الاسلامية،منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها:د.محمد هاشم خليل ريان،دار الرازى،عمان-الاردن،الطبعة الاولى،1423هـ،2002م.

5: مبادئ القياس النفسى والتقويم التربوى:د.سبع ابو لبدة،جمعية عمال المطابع التعاونية-الاردن،الطبعة الثالثة،1405هـ،1985م.
6: معجم تصحيح لغة الإعلام العربي: د.عبد الهادي بوطالب،مأخوذ من المكتبة الشاملة،الاصدار الرابع.
7: دليل المربى فى الأهداف والطرائق والتقييم:د.هاشم عواضة،دار العلم للملايين،بيروت-لبنان،الطبعة الثانية،2005م.




[1]: لسان العرب: ابن منظور،محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار صادر – بيروت،الطبعة الأولى،ج12،ص 496.
:[2] مدخل الى التربية الاسلامية وطرق تدريسها:د.عبدالرحمن صالح عبدالله وآخرون،دار الفرقان،عمان-الاردن،الطبعة الاولى،1411 هـ-1991م،ص 112.
[3]:نحو تقويم افضل:د.انور عقل،دار النهضة العربية،بيروت-لبنان،الطبعة الاولى،1421هـ،2001م،ص44.
[4] :التربية الاسلامية،منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها:د.محمد هاشم خليل ريان،دار الرازى،عمان-الاردن،الطبعة الاولى،1423هـ،2002م،ص 522.
[5] :مبادئ القياس النفسى والتقويم التربوى:د.سبع ابو لبدة،جمعية عمال المطابع التعاونية-الاردن،الطبعة الثالثة، 1405هـ،1985 م ،ص63.
[6] : نحو تقويم افضل،ص45.
[7]: مبادئ القياس النفسى والتقويم التربوى،ص61.
[8]:دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم:د.هاشم عواضة،دار العلم للملايين،بيروت-لبنان،الطبعة الثانية،2005م،ص115،116.
:[9] نحو تقويم افضل،ص52.
:[10] معجم تصحيح لغة الإعلام العربي: د.عبد الهادي بوطالب،ص71،مأخوذ من المكتبة الشاملة،الاصدار الرابع.
[11] :مدخل الى التربية الاسلامية وطرق تدريسها،112.
[12] :مبادئ القياس النفسى والتقييم  التربوى،ص63.
[13] : دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم،ص115.
[14] :نحو تقويم افضل،ص52.
[15] :التربية الاسلامية منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها،ص522.
:[16]نفس المصدر السابق،ص524،525.
[17] : نحو تقويم افضل،ص54.
[18] :مبادئ القياس النفسى والتقييم التربوي،ص65.
:[19] نحو تقويم افضل،ص56.
20: دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم،ص117.
:[21] مدخل الى التربية الاسلامية وطرق تدريسها،112.
[22]: نحو تقويم افضل،ص58.
[23] : دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم،ص 118.
[24] :نفس المصدر والصفحة.
[25] : نحو تقويم افضل،ص58.
[26] :نفس المصدر،ص59.
[27] : دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم،ص118.
[28] : مدخل الى التربية الاسلامية وطرق تدريسها،113.
[29] : نحو تقويم افضل،ص60.
[30] : دليل المربى فى الاهداف والطرائق والتقييم،ص119.
[31] : نحو تقويم افضل،ص60.
[32] :نفس المصدر،ص62.
[33] :نفس المصدر والصفحة.
[34] :نفس المصدر،ص62.
[35] :نحو تقويم افضل،ص63.
[36] :نفس المصدر والصفحة.
[37] :نفس المصدر والصفحة.
[38] :نحو تقويم افضل،ص64.
[39] :نفس المصدر،ص65.
[40] :نفس المصدر والصفحة.
[41] :نفس المصدر والصفحة.
[42] :مبادئ القياس النفسى والتقييم التربوى،74.
[43] :روائِز،مفرده:رائزة،من: روَّزَ روَّزَتْ فلاناً، وروَّزْتَ ما عنده : جرَّبْتِه وقدّرتَهُ،وجاء فى المثل: وكم رُزْتُهُ رَوْزاً فلم أرَ عنده فوزاً.المصدر: أساس البلاغة،للزمخشري،ص373.نقلا من المكتبة الشاملة.
[44]: مبادئ القياس النفسى والتقييم التربوى،74.

[45] : التربية الاسلامية منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها،ص532،533.
[46] :نفس المصدر السابق،ص532.
[47] : نفس المصدر السابق،ص533.
[48] : مبادئ القياس النفسى والتقييم التربوى،ص75.
[49] :نفس المصدر  السابق،ص77.
[50] : نفس المصدر  السابق،ص76، التربية الاسلامية منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها،ص531.
[51] : مبادئ القياس النفسى والتقييم التربوى،ص76.
[52] : التربية الاسلامية منهاجها والتخطيط لدروسها واساليب التدريس والتقويم فيها،ص531.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق